الحدث العراقي تحت الخط – خاص:
انتشرت النيران من الإطارات المشتعلة كأنها رموز لنار الغضب المكبوت، حيث أغلق مئات المتظاهرين الطريق الرئيسي إلى قضاء تلعفر، رافضين زيارة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي بكل قوة وحزم.
وتجمّع هؤلاء المواطنون، معظمهم من أبناء المنطقة التركمانية، قرب مدخل القضاء، يهتفون بشعارات حادة تندد بمواقف الحلبوسي تجاه مطالبهم بتحويل تلعفر إلى محافظة مستقلة، معتبرين رفضه لذلك خيانة مباشرة لإرادة الشعب.
وأضاف أحدهم، وهو شيخ محلي يدعى أحمد التلعفري، في تصريح حيث وقف وسط الجموع: “قال لنا الحلبوسي إنه يدعم حقوقنا، لكنه في الواقع يدفن أحلامنا تحت رماد الوعود الكاذبة، فكيف نرحب بمن يعامل تلعفر كقرية ثانوية؟”.
احتجاج يعكس جروحاً تاريخية: خلفية المطلب المؤجل
يعود جذر هذا الغضب إلى سنوات من الإهمال والصراعات السياسية، حيث طالبت سكان تلعفر منذ عام 2017 باستقلال إداري يعكس هويتهم التركمانية ويحمي تراثهم الثقافي، لكن الرفض المتكرر من بغداد والمحافظة النينوية أشعل فتيل الاستياء.
وتفاقم الوضع مع اتهامات للحلبوسي بأنه يفضل مصالح تحالفه السياسي على حقوق الأقليات، مما جعل زيارته المتوقعة شرارة لانفجار التوترات المتراكمة.
وأكدت مصادر محلية أن الاحتجاج لم يكن عفوياً بل ناتجاً عن حملة توعية استمرت أسابيع، حيث تنظّم اللجان الشعبية اجتماعات سرية لتوحيد الصفوف ضد أي محاولة للتجاهل.
أحد المتظاهرين الشباب، يدعى علي حسين، حمل لافتة كتب عليها “تلعفر ليست جزءاً من نينوى، بل محافظة حرة”: “ونحن هنا ليس للاحتجاج فقط، بل لنقول إن دماء أجدادنا التي سالت في معارك التحرير لن تذهب هدراً، فالحلبوسي يريد أن يبقينا في الظل، لكننا سنضيء الطريق بأنفسنا”.
توتر أمني يسيطر على الشوارع: قوات تنتشر لاحتواء الفوضى
انتشرت قوات الأمن بكثافة مذهلة حول محيط التجمع، حيث أقامت حواجز حديدية ونشرت دوريات لمنع أي تصعيد قد يؤدي إلى مواجهات عنيفة، معتمدة على استراتيجية الاحتواء السلمي.
وتوقفت حركة المرور تماماً لساعات، مما أدى إلى ازدحام مروري هائل يمتد إلى طرق فرعية، وأجبر السائقين على الالتفاف عبر مسارات صحراوية قاحلة.
تغيير مسار مفاجئ: الحلبوسي يبتعد عن لهيب الغضب
غيّر الحلبوسي مسار زيارته فجأة، متوجهاً نحو قرى قبيلة الجحيش عبر طريق ربيعة – الموصل، حيث وصل إلى هناك وسط ترحيب أقل توتراً من قبل أنصاره المحليين.
وأدى هذا التغيير إلى تهدئة جزئية في تلعفر، لكنه أثار تساؤلات حول مدى تأثير الاحتجاجات على جدول أعماله السياسي، مع إشارات إلى أنه كان يخطط للقاءات مع قيادات محلية لتعزيز نفوذ تحالفه.
وأكد أحد المقربين من الحلبوسي، في تصريح : ” تغيّر الجدول لتجنب أي إحراج، فهو يحترم إرادة الشعب ويعد بزيارة لاحقة بعد تهدئة الأوضاع، لكن هذا الرفض يعكس حملات تشويه منظمة ضد جهوده”.
وتحليلياً، يُعد هذا الحدث دليلاً على هشاشة التوازن السياسي في نينوى، حيث أصبحت المطالب المحلية قنبلة موقوتة تهدد أي زعيم يتجاهلها، مما قد يعيد تشكيل التحالفات قبل الانتخابات المقبلة.
تابع القصة على الرابط التالي:







